علامات العقم وأسبابه

علامات العقم عند الرجال والنساء: الأعراض، الأسباب، التشخيص والعلاج

يُعدّ العقم من القضايا الطبية الحساسة التي تؤثر على حياة الأفراد والعلاقات الزوجية بشكل عميق، ولا يمكن التعامل معها باستخفاف أو تجاهل. يتم تعريف العقم طبيًا على أنه عدم القدرة على الإنجاب بعد مرور 12 شهرًا من العلاقة الزوجية المنتظمة دون استخدام وسائل منع الحمل. وتزداد أهمية الفحص المبكر عند وجود مؤشرات تُنذر باحتمالية الإصابة بالعقم، إذ يتيح ذلك البدء بخطوات التشخيص والعلاج المناسبة في الوقت المناسب. لا يقتصر العقم على طرف واحد، بل يمكن أن يصيب الرجل أو المرأة أو كليهما معًا، وقد تكون أسبابه عضوية، هرمونية، وراثية أو حتى نفسية.

هذا المقال يُسلّط الضوء بتفصيل دقيق على العلامات المبكرة للعقم، والفروقات بينه وبين حالات التأخر المؤقت في الحمل، والعوامل التي تستدعي القلق، بالإضافة إلى الطرق الطبية المتاحة للتشخيص والعلاج.

العقم عند الرجال: الأعراض والمؤشرات

العقم عند الذكور غالبًا لا يظهر بأعراض ظاهرة مباشرة سوى عدم القدرة على الإنجاب، ولكن هناك علامات أخرى قد تشير إلى وجود خلل في الخصوبة ومنها:

1. مشاكل في الوظيفة الجنسية

• ضعف الانتصاب أو عدم القدرة على الحفاظ عليه

• انخفاض الرغبة الجنسية بشكل مستمر

• صعوبة في القذف أو قذف كميات قليلة جدًا من السائل المنوي

2. تغيرات في السائل المنوي

• انخفاض واضح في كمية السائل المنوي

• وجود دم في السائل المنوي

• لون أو رائحة غير طبيعية للسائل المنوي

3. تغيرات هرمونية

• نمو الثديين (تثدي الرجال)

• تساقط الشعر في الجسم أو الوجه

• تقلبات مزاجية مستمرة

• انخفاض في الكتلة العضلية

4. الألم أو التورم في الخصيتين

• ألم دائم أو متكرر في الخصيتين

• تورم أو وجود كتل محسوسة

• اختلاف واضح في حجم الخصيتين

5. وجود تاريخ طبي سلبي

• إصابة سابقة بالنكاف بعد سن البلوغ

• إصابات أو جراحات في الأعضاء التناسلية

• التعرض للإشعاع أو المواد الكيميائية

• استخدام المنشطات أو المكملات الهرمونية بشكل مفرط

العقم عند النساء: الأعراض والمؤشرات

عند النساء، قد تكون علامات العقم أكثر وضوحًا، وتشير غالبًا إلى خلل في الجهاز التناسلي أو النظام الهرموني:

1. اضطرابات الدورة الشهرية

• انقطاع الدورة الشهرية لفترات طويلة

• دورات غير منتظمة أو متقطعة

• نزف غزير أو خفيف بشكل غير معتاد

• آلام شديدة غير مبررة أثناء الدورة الشهرية

2. تغيرات هرمونية

• نمو الشعر في مناطق غير معتادة مثل الوجه أو الصدر

• ظهور حب الشباب المفاجئ والمزمن

• زيادة في الوزن غير مفسّرة

• تساقط الشعر بشكل غير طبيعي

• تغيرات في الرغبة الجنسية أو الحالة المزاجية

3. آلام الحوض المزمنة

• ألم مستمر في منطقة الحوض أو أسفل الظهر

• ألم عند الجماع

• وجود كتل أو أورام ليفية في الرحم أو المبايض

• إصابة سابقة بمرض التهاب الحوض

4. مشاكل الإباضة

• عدم ظهور أعراض الإباضة مثل الألم الخفيف في أحد جانبي البطن أو تغيرات الإفرازات المهبلية

• عدم ارتفاع درجة حرارة الجسم القاعدية وقت الإباضة

• عدم انتظام الإباضة في الفحوصات المنزلية

5. أمراض مزمنة أو تاريخ صحي مؤثر

• الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض (PCOS)

• بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)

• أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء

• اضطرابات الغدة الدرقية

• تاريخ بالإجهاض المتكرر

الفرق بين العقم والتأخر الطبيعي في الحمل

من المهم التمييز بين العقم والتأخر المؤقت في الحمل. لا يُشخّص العقم إلا بعد محاولة الحمل لمدة سنة كاملة (أو 6 أشهر إذا تجاوز عمر المرأة 35 عامًا). قد يتأخر الحمل بسبب التوتر، النظام الغذائي غير المتوازن، أو نمط الحياة المجهد، دون أن يكون هناك مشكلة عضوية. أما العقم، فهو ناتج عن سبب محدد يتطلب علاجًا طبيًا.

الأسباب الشائعة للعقم

الأسباب عند الرجال:

الأسباب عند النساء:

متى يجب التوجه إلى الطبيب؟

يوصى باللجوء إلى الطبيب في الحالات التالية:

• عدم حدوث الحمل بعد مرور سنة من العلاقة الزوجية المنتظمة

• وجود أعراض واضحة لاضطرابات الدورة الشهرية أو الوظيفة الجنسية

• وجود تاريخ مرضي يشير إلى احتمالية الإصابة بالعقم

• تعرض أحد الزوجين لعوامل بيئية أو علاجية مؤثرة على الخصوبة

خطوات التشخيص الطبي

التشخيص الدقيق للعقم يعتمد على مجموعة من الفحوصات التي تشمل:

لدى الرجال:

1. تحليل السائل المنوي: لتقييم عدد، حركة، وشكل الحيوانات المنوية

2. اختبارات الدم الهرمونية: لقياس التستوستيرون وهرمونات أخرى

3. تصوير الخصيتين بالموجات فوق الصوتية: للكشف عن دوالي الخصية أو انسدادات

4. فحص الجينات: في حالة الاشتباه بوجود طفرات وراثية

5. خزعة الخصية: لتحديد إذا ما كانت المشكلة في إنتاج الحيوانات المنوية

لدى النساء:

1. تحليل الهرمونات: مثل LH، FSH، البرولاكتين، هرمونات الغدة الدرقية

2. تصوير المبايض والرحم بالسونار: للكشف عن تكيسات أو أورام

3. اختبار الإباضة: لمتابعة انتظام عملية التبويض

4. الأشعة بالصبغة (HSG): لتقييم حالة قناتي فالوب

5. تنظير البطن: لفحص دقيق للحوض والرحم والمبيضين

الخيارات العلاجية المتاحة

يتوقف علاج العقم على السبب الأساسي، ويشمل:

العلاجات الدوائية:

• تنظيم الهرمونات باستخدام أدوية محفزة للتبويض أو محسنة لإنتاج الحيوانات المنوية

• علاج الالتهابات باستخدام مضادات حيوية

• أدوية لخفض البرولاكتين أو تحسين عمل الغدة الدرقية

الإجراءات الجراحية:

• علاج دوالي الخصية

• إزالة الأورام الليفية أو التصاقات الرحم

• فتح قناتي فالوب في حالات الانسداد

وسائل الإخصاب المساعدة:

التأثير النفسي والاجتماعي للعقم

العقم ليس فقط حالة طبية، بل يحمل أبعادًا نفسية واجتماعية تؤثر على جودة حياة الزوجين. التوتر، القلق، الشعور بالذنب، والانزواء الاجتماعي من أبرز المشاعر المرافقة للحالة. وقد تتأثر العلاقة الزوجية، وتزداد الضغوط من البيئة المحيطة، مما يستدعي التدخل النفسي إلى جانب العلاج الطبي.

الوقاية والحفاظ على الخصوبة

• تجنّب التدخين والكحول والمخدرات

• تناول نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات والمعادن

• ممارسة الرياضة بانتظام دون إفراط

• تجنب التعرض الطويل للحرارة العالية (مثل حمامات البخار أو اللابتوب على الحضن)

• الحفاظ على وزن صحي

• إدارة الضغوط النفسية بأساليب صحية

• إجراء الفحوصات الدورية والتدخل المبكر عند ظهور أي أعراض غير طبيعية

الخلاصة

تشخيص العقم يحتاج إلى وعي دقيق بالأعراض والعلامات المبكرة، ولا ينبغي الاعتماد على التقديرات الذاتية. فحص الخصوبة لدى الرجل والمرأة خطوة أساسية في رحلة الإنجاب، ويجب أن يتم بإشراف طبي شامل. من خلال الكشف المبكر والمعالجة المناسبة، يمكن تجاوز العديد من حالات العقم، خصوصًا أن العلم الطبي الحديث يوفر حلولًا فعالة ومتعددة. الاستعانة بالمختصين وعدم التردد في طلب المساعدة هما أولى خطوات الأمل نحو تحقيق حلم الإنجاب.

المراجع:

1. World Health Organization (WHO) – Infertility Factsheets

2. Mayo Clinic – Infertility: Symptoms and Causes